الدنمارك بالعربي – تقارير من السويد: أحمد جليل (42 عاماً) ودعاء الصراف (30 عاماً)، زوجان عراقيان يقيمان معاً بالسويد منذ سنة 2010. انتزع مكتب الشؤون الاجتماعية الـ“سوسيال” في بلدية إبلاند فيسبي اثنين من أبنائهما الثلاثة، إبراهيم وفاطمة، إثر اتهام الأم بضرب الابنة سالفة الذكر، وفق ما ادعت هذه الأخيرة شخصياً لمعلمتها في المدرسة.
وعلى الرغم من العلم مسبقاً أن الفتاة تعاني منذ الولادة حالة تأخر ذهني واضحة، تجعلها لا تميز ببعض الأحيان بين الواقع والخيال وتختلق الأكاذيب لمجرد الرغبة في العبث البريء، كما أثبتت تقارير طبية متخصصة.
أيضاً يؤكد الزوجان أن مكتب الشؤون الاجتماعية تعمّد في سبيل سحب أبنائهما، إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار جميع التقارير الطبية وتقارير الشرطة، التي تنفي تماماً فرضية تعرض فاطمة للاعتداء الجسدي، فضلاً عن تجاهله اعتراف الطفلة ذاتها في وقت لاحق عدم تذكرها حرفاً واحداً مما قالته إلى معلمتها آنذاك، لأن الحادثة، حسب رأيها “ليست سوى مقلب“.
بل أن مكتب الشؤون الاجتماعية، على حد تعبير الزوجين، لم يتورع طيلة سنتين عن تلفيق التهم إليهما لتعزيز موقفه قانونياً، حتى بلغ به الأمر تقديم شهادة زور عنهما أمام القضاء السويدي. إضافة إلى سعيه الحثيث عقب ذلك لانتزاع طفلهما المتبقي محمد، الذي لم يكمل بعد عامه الثاني، بأية طريقة. ما اضطر الأم إلى مغادرة البلاد بصحبته عائدة إلى العراق، حرصاً على عدم فقدانه كما جرى مع شقيقيه.
أيضاً يشتكي أحمد ودعاء مما أطلقا عليه “إهمال وسوء معاملة العائلات البديلة المتعاقبة لطفليهما، وسط تساهل وتغاضٍ لا محدود من البلدية، التي اعتادت لومهما على أفعال أقل شأناً منها بمراحل“.
اكتشاف مرض فاطمة وطبيعة الإجراءات التي اتخذتها البلدية القديمة ذات الأغلبية المهاجرة إزاء ذلك
تحكي دعاء بنفسها إلى منصة Aktarr الإلكترونية، تفاصيل الصراع القانوني الطويل، الذي خاضته صحبة زوجها ضد مكتب الشؤون الاجتماعية من أجل حضانة أبنائها مع كل ما ترتب عليه لاحقاً، فتقول: “أقمنا أول عهدنا بالسويد، في بلدية فيسك سيترا الواقعة ضمن نطاق العاصمة ستوكهولم، التي يمثل المهاجرين قسماً كبيراً من تركيبتها السكانية.
بعد فترة قصيرة من التحاق فاطمة (6 سنوات) بالمدرسة الابتدائية، أبلغتني مديرتها، عربية الأصل، أن الفتاة شقية جداً ومتأخرة عن زملائها دراسياً، لذا أوصتني ضرورة عرضها على ممرضة المدرسة. امتثلت إلى الأمر دون تردد، قامت الممرضة عقب إجراء الفحوصات الروتينية، بتحويلها مباشرة إلى إحدى عيادات الطب النفسي.
هناك، علمنا أن فاطمة تعاني تأخراً ذهنياً منذ الولادة، مصحوباً بالخيالات التي قد تؤدي إلى الرغبة في الخداع وتلفيق الأكاذيب. فبدأنا نراجع طبيباً مختصاً بشكل دوري منتظم، لمساعدتها على تعلم النطق واللغة، الذي طلب منا، إبقائها في مدرستها الحالية مدة عام كامل، مع إيلائها الرعاية المختصة اللازمة، كون حالتها المرضية تعد متوسطة نسبياً، فإن لم يظهر عليها أي تحسن خلال هذه المدة، سيوصي إيداعها مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة.
أما المدرسة نفسها، فسارعت بدورها إلى تقديم كل أنواع الدعم والرعاية المطلوبة لنا فور اطلاعها على التقارير الطبية لابنتي، ما سهل علينا التعامل مع مشكلتها إلى حد بعيد.
الانتقال لبلدية أخرى ذات أقلية مهاجرة ومعاملة مختلفة مع مشكلة فاطمة وعائلتها
بعد عدة أشهر، اضطررنا إلى الانتقال للإقامة في بلدية إبلاند فيسبي بستوكهولم إثر حصولنا على منزل يلائم عدد أفراد أسرتنا عبر إحدى شركات السكن. كان المهاجرون في هذه البلدية، على عكس البلدية السابقة، قليلين جداً، لذا حرصت منذ اليوم الأول لدوام ابنتي بمدرستها الجديدة، أن أقدم تقاريرها الطبية إلى جميع أعضاء الإدارة وهيئة التدريس لإحاطتهم علماً بكل ما يخص وضعها الصحي. إلا أن هذا لم يكن كافياً ليستوعبوا أبعاد المشكلة كما تبين تالياً.
حيث في أحد الأيام، خطر على بال ابنتي، كما تفعل كثيراً، إخبار معلمة الرياضة أنها تخشى العودة إلى البيت، لأنني أضربها. طبعاً لم يكن لهذه المعلومة أي أساس من الصحة. لكن المعلمة تناست كل ما ذكرته لها سابقاً عن طبيعة مرض فاطمة وسارعت إلى إبلاغ مكتب الشؤون الاجتماعية بالأمر. هكذا لم يكذب هذا الأخير خبراً أيضاً وسارع إلى استلام الفتاة من المدرسة ليحتجزها في مقره.
بعد قليل، اتصلوا بي وأبلغوني أن فاطمة موجودة عندهم إزاء تقديم شكوى قلق رسمية ضدي من المدرسة، لذا علي القدوم مع زوجي وولدنا البكر إبراهيم (7 سنوات)، من أجل إخضاعنا للتحقيق.
هناك، أخذوا إبراهيم منا عنوة مدعين أنهم ينوون الحديث معه على انفراد، ثم إعادته إلينا مباشرة. كما فوجئنا أن ابنتنا لم تكن حاضرة بالمكان.
مجريات التحقيقات
كانت جلسات التحقيق قائمة بشكل أساسي على محاولة استفزازنا وإظهارنا في صورة الوالدين السيئين بأية وسيلة. حيث شرعوا في الجلسة الأولى يفترون علي دون دليل، قائلين أنني: “انتقلت عمداً من منزلنا السابق في بلدية فيسك سيترا، فراراً من المشاكل التي تسبب بها هناك“. كما ادعوا إيجاد “آثار ضرب واضحة فوق جسد الفتاة“.
حاولت تمالك نفسي قدر الإمكان، مؤكدة أن ما يقولونه ليس إلا محض تلفيق وكذب لا إثبات عليه. مشددة على استحالة قيامي بضرب أحد أبنائي في يوم من الأيام، لا سيما مع علمي التام أن ضرب الأطفال في السويد جريمة يعاقب عليها القانون بشدة. ثم اقترحت عليهم عرضها على طبيب مختص للفصل فيما إذا كانت قد تعرضت إلى الضرب فعلاً أم لا.
غير أن المحققة صارحتني بكونها لا تملك إلا التحقيق في أية شكوى تردها بكل جدية، ما يجعلها مضطرة إلى إبقاء كلا الطفلين لديها مدة أسبوعين.
احتججت على احتجازها إبراهيم أيضاً، مذكرة بزعمها في بداية التحقيق أنها تنوي التحدث معه قليلاً بشكل منفرد فقط، ثم إعادته لنا ثانية قبل المغادرة، لكنها أخبرتنا أن الفتى يرفض العودة معنا إلى المنزل حالياً. بيد أن إبراهيم نفى لي ذلك حرفياً في لقاء لاحق، مشدداً أن موظفي مكتب الشؤون الاجتماعية، هم الذين كانوا يخدعونه بقولهم: “أمك لم تعد تريدك“.
ثم راحت تطلب مني عدم القلق وتطمئننا أن الاحتجاز لن يستغرق سوى أسبوعين، سيحرص الموظفون خلالهما على رعاية الطفلين بالصورة الأمثل ولن يطعموهما لحوم الخنزير. أما الرضيع محمد، فقررت تركه معي طالما لم تتلق أية بلاغات قلق عنه.
هنا انهارت أعصابي كلياً وبدأت أبكي حرقة على فداحة مصابي. إلا أن المحققة غليظة القلب، ما انفكت تهدد باستدعاء رجال الأمن وطردي خارج المبنى كلياً إذا لم أتوقف عن العويل والبكاء، مرددة أنها لن تتأثر أبداً بهذه السلوكيات الانفعالية.
في الجلسة الثانية ركزت المحققة على معرفة أدق تفاصيل حياتنا الشخصية أنا وزوجي، لكن طريقة تعاملها هذه المرة، كانت تنضح احتقاراً وإهانة، حيث لم تتورع لحظة عن قهرنا عبر الصراخ بوجوهنا وإخراسنا حتى قبل الفروغ من الإجابة عن اسئلتها، موضحة طوال الوقت، عدم تصديقها كلمة مما نقول، لأنها “رأت الحزن في عيون أطفالنا“. فلما دفعتني رداءة أسلوبها إلى البكاء مجدداً، اقترحت علي ساخرة زيارة طبيب نفسي، لأنني كثيرة البكاء.
وضع الطفلين تحت رعاية عائلة سويدية
تقرر في النهاية، وضع فاطمة وإبراهيم تحت رعاية عائلة سويدية الأصل، تقيم خارج ستوكهولم مع تهديد المحققة بحرماني نهائياً من رؤيتهما وإبلاغ الشرطة عني، إذا ما جرؤت يوماً على زيارتهما في المدرسة.
لمدة 20 يوماً متواصلة قضياها هناك، لم تقم تلك العائلة بشراء قطعة ثياب واحدة للطفلين، إذ جعلتهما يرتديان نفس الملابس التي كانت عليهما عند احتجازهما طيلة ساعات اليوم. كما أن شعر رأس البنت آنذاك عج بالقمل جراء قلة النظافة، ما دفعنا إلى الإسراع في شراء ملابس جديدة وإرسالهما لهما عبر مكتب الشؤون الاجتماعية، الذي كذب مجدداً وادعى أمام العائلة البديلة أن الملابس مقدمة منه هو لا منا، حرصاً على عدم تسجيل أية نقاط إيجابية لصالحنا أمام ولدينا.
نقل الطفلين إلى عائلة من أصول مهاجرة
اقترحنا على المحققة إيداع الطفلين لدى عائلة عربية، ليسهل بينهم التواصل. سوى أنها، من شدة جهلها، نقلتهما عوضاً عن ذلك إلى منزل عائلة إيرانية.
كان مسموحاً لنا رؤية فاطمة وإبراهيم مرتان شهرياً، مدة 3 ساعات تقريباً في كل مرة، داخل مقر مكتب الشؤون الاجتماعية، بشرط حضور العائلة البديلة والمحققة معنا.
في الوقت الذي لم تجد به “الأم البديلة” ذاتها حرجاً من الانصراف إلى مشاغلها طيلة ساعات النهار، تاركة الولدين تحت رعاية أبويها المسنين، اللذين جاوزت أعمارهما السبعين، على الرغم من علمها وعلم المحققة مسبقاً، أن هذا التصرف يخالف القانون.
ورود تقارير الشرطة والمستشفى بخصوص الشكوى
أثناء ذلك، صدر تقرير المستشفى كاشفاً عدم وجود أية آثار ضرب على جسد فاطمة، كما اعترفت الفتاة نفسها أنها لا تذكر شيئاً مما قالته للمعلمة يومها، ما يجعلها مقتنعة تماماً بكونها تمزح فقط. الشيء الذي دفع الشرطة إلى إغلاق ملف القضية رسمياً من جانبها، مسقطة عنا جميع التهم، لتترك تقدير الأمور في يد مكتب الشؤون الاجتماعية.
حكم قضائي بانتزاع الطفلين من أبويهما
جرب زوجي أحمد التحدث مع المحققة، موضحاً أن الأسبوعين قد صارا شهرين ولازالت لم تف وعدها بإعادتهما إلينا. سوى أنها هاجمتنا بمجموعة من الاستفزازات والافتراءات الجديدة، لائمة علينا عدم إلحاق فاطمة في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، على الرغم من اطلاعها فيما مضى على تقرير الطبيب المتابع لحالتها الصحية، الذي أوصى بارتيادها مدرسة عادية مدة عام كامل أولاً. كما راحت تتهمنا بإهمال مواعيد أسنان ولدينا، لأنها وجدت لديهما قليلاً من التسوس، فأنكرنا عليها كلامها وناشدناها الاتصال بالمركز الصحي في بلديتنا القديمة لنثبت خطأ ذلك، لكنها غيرت مجرى الحديث سريعاً لتدعي أيضاً أننا نتعمد الامتناع عن توفير حاجتهما الأساسية من الطعام والملابس ونتركهما قذرين لقاء توفير المال. هنا نفذ صبر أحمد وطلب تحويل ملف القضية إلى محكمة. حاولت المحققة التهرب من الأمر، مرددة أن الطفلان سيعودان لأحضاننا قريباً، لكن أحمد تمسك برأيه وعزم على المضي فيه.
عندما حان موعد المحاكمة، وكلنا محامية مخضرمة من أصل عربي، إلا أن مكتب الشؤون الاجتماعية رفضها دون إبداء سبب مقنع وعين لأجلنا محامية من طرفه. أثناء الجلسة، ادعى محامي الـ“سوسيال” كذباً خلال مرافعته الطويلة، أننا رفضنا التعاون معهم كلياً، بينما لم تتح لنا فرصة الدفاع عن أنفسنا حرفياً إلا عبر بضع جمل مقتضبة بتروها سريعاً قبل اكتمالها ولم ينصت إليها أحد غالباً، كأن الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد.
لذا لم تتردد المحكمة في النهاية بإصدار قرار،LVU ، القاضي بانتزاع الطفلين منا وتولية مكتب الشؤون الاجتماعية مسؤولية الإشراف على رعايتهما لدى عائلة أخرى.
في اللقاء الذي تلى المحاكمة، ذكرت المحققة صراحة أنها مقتنعة بكل ردودنا على اتهاماتها، لكنها مازالت ترفض إعادة فاطمة وإبراهيم إلينا، إزاء كثرة تقديمنا الحلوى والمشروبات الغازية لأطفالنا وعدم إلزامهم بمواعيد أكل محددة، ما أدى إلى ارتفاع وزن فاطمة عن المعدل الطبيعي، نتيجة تناولها الطعام بشراهة دون حدود أو رقيب، وفق ما أبلغتها العائلة البديلة. فأجبتها أن عائلة المذكورة ذاتها لا تلتزم بقاعدة تناول الحلوى والمشروبات الغازية مرة واحدة أسبوعياً، حسب ما قال لي إبراهيم بنفسه، منوهة أنني لو كنت جرؤت يوماً واحداً على منع فاطمة من تناول الطعام متى رغبت، لاتهمت بتجويعها وانتزعتموها مني كذلك. غير أن المحققة اعتمدت الإنكار درعاً تصد فيه كافة مساعينا إلى الحوار معها بالحُجة أو المنطق.
رصد مكتب الشؤون الاجتماعية سلوكيات طفل العائلة الثالث
لمَّا ضمن مكتب الشؤون الاجتماعية حسم القضية لصالحه، بدأ يوجه أنظاره صوب طفلي الرضيع محمد، الذي لم يجاوز عمره يومها 18 شهراً فقط. فعلى الرغم من أننا لا نتلق أية مساعدات مادية منهم، كون زوجي مستقل مادياً ويعمل سائقاً لحافلة بعقد دائم منذ ثلاث سنوات تقريباً، بعد قضائه في عمله السابق كسائق سيارة أجرة وبعقد مشابه مدة أربع سنوات، إلا أنه ما انفك يضغط علينا بقوة لإيداع محمد في روضة أطفال. حاولت أفهامهم أنني لست مضطرة إلى ذلك باعتباري أقضي إجازة أمومة معه، ناهيك بأنه لا يزال دون السن الإلزامية للدراسة أصلاً. لكنني خضعت في النهاية إلى رغبتهم تحاشياً لأذاهم.
بيد أن محمد ظل دائماً يبكي ويرفض البقاء وحيداً صحبة المعلمات، ما أجبرني على البقاء معه طيلة ساعات الدوام شهراً كاملاً. هنا انتهز مكتب الشؤون الاجتماعية الفرصة التي جاءته على طبق من ذهب وفتح معنا تحقيقاً جديداً، بعد تقديم شكوى قلق رسمية له من إدارة الروضة، جرَّاء سلوكيات محمد وخوفه من الناس، توصي إعطائنا دروساً خاصة في تربية الأطفال، بتنا أنا وزوجي على إثرها نجري مقابلات مصورة بالفيديو داخل غرفة في مقر الـ“سوسيال“، لمراقبة كيفية تعاملنا مع الصبي.
خلال إحدى تلك اللقاءات، انفجر محمد باكياً فور دخولنا من باب المبنى دلالة على الرغبة بالمغادرة، كما رفض اللعب أو الاستجابة إلى جميع محاولاتنا لإسكاته، كأنما فطرته النقية حذرته مغبة التواجد هناك، بينما كاميرات المراقبة تسجل كل شيء، فتبادر إلى مسمعي قول مشرفة لزميلتها، أنه يجب عليهما زيارتنا في المنزل بعد ما رأوه اليوم، قبل أن تتجها نحوي مباشرة وتحددان موعداً قريباً لزيارتي، مع التأكيد على ضرورة عدم تواجد زوجي.
رحيل الأم مع محمد إلى العراق
هكذا أدركت أن هؤلاء الأشخاص كانوا يبيتون لنا نية سيئة منذ البداية وأن قرار انتزاع محمد مني أيضاً قادم لا محالة مهما فعلت أو طال الزمن، لهذا ما كدت أغادر المبني، حتى حجزت تذكرة ذهاب فقط على متن أول رحلة طيران إلى العراق وسافرت على متنها صحبة محمد للنجاة به، موصية زوجي البقاء في السويد لمتابعة قضية الولدين الأخرين.
فور وصولي إلى العراق، اتصلت هاتفياً بمسؤولة قضيتنا مباشرة وأبلغت عن رحيلي للديار بدعوى رؤية أمي المريضة، فلما استفسرت عن وقت رجوعي، أجبتها أنني لا أدرى. حاولت إغرائي بالقدوم مجدداً إلى السويد عبر القول أنها تنوي التعاون معي لحل مشكلة فاطمة وإبراهيم، لكنني أخبرتها أن أحمد لا يزال موجوداً هناك وباستطاعتها التنسيق معه متى أرادت“.
أحوال إبراهيم وفاطمة عند العائلة البديلة
تصف دعاء حال إبراهيم وشقيقته فاطمة، في ضيافة العائلة الحالية، مستطردة: “بعد انقضاء عامين كاملين على سحب فلذتي كبدي مني، تبين لي بما لا يدع أي مجال للشكوك والتخمينات، أن المشكلة مع البلدية منذ البداية، لم تكن بسبب كذبة قالتها طفلة أو إهمال في رعاية الأبناء، بقدر ما هي محض ذرائع لافتكاك قاصري العائلات المهاجرة وتربيتها حسب ما يناسب ثقافة ومزاج وقناعات المحقق السويدي الشخصية، لا نصوص قانون حقوق الطفل.
فكم من مرة اشتكت ابنتي من ارتدائها لباساً أو حذاء يصغر مقاسها، نتيجة امتناع العائلة البديلة عن شراء ملابس جديدة لأجلها، أو كم من مرة اشتكى إبراهيم سوء المعاملة التي يتعرض لها، دون أن يحرك مكتب الشؤون الاجتماعية ساكناً ويحاسب العائلة البديلة أو يتهمها بالإهمال.
من بين التناقضات أيضاً، أن ابنتي لا تزال حتى هذه اللحظة تطلق الأكاذيب وتروي أحداثاً خيالية عن العائلة البديلة، لكن محققتنا على ما يبدو، لا تقر بمرض فاطمة أو تنكره، إلا بناء على هوية الشخص الذي أصدرت في حقة تلك الأكاذيب، فإن كان المتهم نحن ستراها حقيقة مطلقة، أما إن كان غيرنا فالأمر حتماً محض خيالات نابعة من عقل سقيم.
لقد أخبرني إبراهيم، أنه يعاني حالة جوع دائم، كونهم لا يسمحون له أو لشقيقته أبداً تناول أية أطعمة خارج أوقات الوجبات الأساسية الثلاثة ولو مجرد تفاحة. ما يعني أن طفلاي يبقيان دون طعام يومياً من بعد وجبة العشاء، على تمام الساعة السادسة مساء، حتى حلول موعد الإفطار صباح اليوم التالي.
بل أنهم سببوا عقدة نفسية لفاطمة من كثرة ما عايروها بسمنتها، جعلتها تتحاشى الطعام كلياً، كأنما تناوله جريمة لا تغتفر، لذا أحاطت الهالات السوداء بعيونهما خلال فترة زمنية قليلة وشحب وجهيهما جرَّاء سوء التغذية.
أما عن المساعي المستميتة التي تبذلها العائلة البديلة في سبيل تشويه صورتي أمام طفلاي وإظهاري دوماً بصورة الأم غير الصالحة، فحدث ولا حرج. إذ كلما طلب إبراهيم مثلاً، إعادته إلينا، أسرعوا يعلنون رفضهم ويخبرونه كم أنني أم سيئة وسأتطلق من أبيه قريباً نتيجة الخلافات، فإن أصر على رأيه، أعطوه أملاً كاذباً ووعدوه بوقت عودة قريب لنا، ثم يحنثون إذا حضر الموعد، مسببين إحباطاً وإيذاء نفسياً شديداً له من بعد فرحة عارمة.
فيما على الجانب الأخر، كان مكتب الشؤون الاجتماعية يأمرنا أنا وزوجي ألا نبكي أثناء مقابلة أولادنا وندعي الفرح والضحك حتى إن بكوا هم وإلا سيحرموننا رؤيتهما إلى الأبد، ما أثار حفيظة فاطمة التي اعتبرت أننا لسنا حزينين على فراقها وإلا لكنا سنبكي بدورنا.
كذلك أكد لهم إبراهيم مراراً، أننا لا نضربه أبداً، مشيراً إلى كون شقيقته مريضة بالكذب منذ زمن، فلم ينصت له أحد قط“.
العائلة تناشد السلطات السويدية التدخل لمساعدتها
وتختم دعاء حديثها مناشدة السلطات المختصة، عبرمنصة Aktarr، مساعدتها سريعاً في حل مشكلتها، قائلة: “لقد تركنا وطننا نرجو النجاة بأطفالنا من الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري في دولة طالما اعتبرناها قبلة حقوق الإنسان وسيادة القانون، فإذا بعائلتنا هذه تتمزق ويسلبونا أولادنا أسوأ مما كان ينتظرنا في العراق، فأين العدالة من كل التجاوزات والانتهاكات التي ترتكب بحقنا اليوم؟ أناشد السطات المختصة أن تنظر في مشكلتنا بعين الرحمة والإنسانية وتعيد لم شمل عائلتنا لإنهاء مسلسل معاناتنا المتواصلة منذ عامين، بما يرقى إلى سمعة هذا البلد حقاً ولا يخالف اتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل، التي تحرص الحكومة السويدية دائماً أن تكون أول من يوقع عليها ويطالب بتطبيق بنودها في كل مناسبة“.